سورة الكهف - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله عز وجل: {وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعض} قيل هذا عند فتح السد، يقول تركنا يأجوج ومأجوج يموج أي يدخل بعضهم في بعض كموج الماء، ويختلط بعضهم في بعض لكثرتهم، وقيل هذا عند قيام الساعة يدخل الخلق بعضهم في بعض لكثرتهم ويختلط إنسهم بجنهم حيارى {ونفخ في الصور} فيه دليل على أن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة {فجمعناهم جمعاً} أي في صعيد واحد {وعرضنا} أي أبرزنا {جهنم يومئذ للكافرين عرضاً} ليشاهدوها عياناً {الذين كانت أعينهم في غطاء} أي غشاء وستر {عن ذكري} أي عن الإيمان والقرآن والهدى والبيان وقيل عن رؤية الدلائل وتبصرها {وكانوا لا يستطيعون سمعاً} أي سمع قبول الإيمان والقرآن لغلبة الشقاء عليهم، وقيل معناه لا يستطيعون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة عداوتهم له. قوله تعالى: {أفحسب} أي أفظن {الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} يعني أرباباً يريد عيسى والملائكة، بل هم لهم أعداء يتبرؤون منهم. وقال ابن عباس: يعني الشياطين أطاعوهم من دون الله، والمعنى أفظن الذين كفروا أن يتخذوا غيري أولياء وإني لا أغضب لنفسي فلا أعاقبهم وقيل معناه أفظنوا أنه ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء {إنا أعتدنا} أي هيأنا {جنهم للكافرين نزلاً} أي منزلاً.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي مثواهم وقيل معدة لهم عندنا كالنزل للضيف. قوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} يعني الذين أتعبوا أنفسهم في عمل يرجون به فضلاً ونوالاً فنالوا هلاكاً وبواراً، قال ابن عباس: هم اليهود والنصارى، وقيل هم الرهبان الذي حبسوا أنفسهم في الصوامع وقال علي بن أبي طالب: هم أهل حوراء يعني الخوارج {الذين ضل سعيهم} أي بطل عملهم واجتهادهم {في الحياة الدنيا وهم يحسبون} أي يظنون {أنهم يحسنون صنعاً} أي عملاً ثم وصفهم فقال تعالى: {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه} يعني أنهم جحدوا دلائل توحيده وقدرته، وكفروا بالبعث والثواب والعقاب، وذلك لأنهم كفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالقرآن فصاروا كافرين بهذه الأشياء {فحبطت أعمالهم} أي بطلت {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً}. قيل لا تقيم لهم ميزاناً، لأن الميزان إنما توضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميزوا مقدار الطاعات ومقدار السيئات. قال أبو سعيد الخدري يأتي أناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم من العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئاً فذلك قوله تعالى: {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً} وقيل معناه نزدري بهم فليس لهم عندنا شيئاً ذلك قوله تعالى: {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً} وقيل معناه نزدري بهم فليس لهم عندنا حظ ولا قدر ولا وزن.
(ق) عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال اقرؤوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً».


{ذلك} إشارة إلى ما ذكر من حبوط أعمالهم وخسة قدرهم، ثم ابتدأ فقال تعالى: {جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً} يعني سخرية واستهزاء. قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً}. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة» قال كعب: ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس، فيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. وقال قتادة: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها. وقيل: الفردوس هو البستان الذي فيه الأعناب. وقيل: هي الجنة الملتفة بالأشجار التي تنبت ضروباً من النبات. وقيل: الفردوس البستان بالرومية. وقيل: بلسان الحبش منقولاً إلى العربية نزولاً هو ما يهيأ للنازل على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس ونعيمها نزلاً. وقيل في معنى كانت لهم أي في علم الله تعالى قبل أن يخلقوا {خالدين فيها لا يبغون} أي لا يطلبون {عنها حولاً} أي تحولاً إلى غيرها، قال ابن عباس: لا يريدون أن يتحولوا عنها، كما ينتقل الرجل من دار إذا لم توافقه إلى دار أخرى.
قوله تعالى: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي} قال ابن عباس: قالت اليهود يا محمد تزعم أننا قد أوتينا الحكمة وفي كتابك {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} ثم تقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً، فأنزل الله تعالى وقيل لما نزل {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} قالت اليهود أوتينا علم التوراة وفيها علم كل شيء.
فأنزل الله تعالى: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي} ما يستمده الكتاب ويكتب به، وأصله من الزيادة قال مجاهد: لو كان البحر مداداً للقلم يكتب قيل والخلائق يكتبون {لنفد البحر} أي لنفد ماؤه {قبل أن تنفد كلمات ربي} أي علمه وحكمه {ولو جئنا بمثله مداداً} والمعنى ولو كان الخلائق يكتبون والبحر يمدهم فني ماء البحر ولم تفن كلمات ربي، ولو جئنا بمثل ماء البحر في كثرته مدداً وزيادة. قوله تعالى: {قل إنما أنا بشر مثلكم} قال ابن عباس: علم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم التواضع لئلا يزهى على خلقه، فأمره أن يقرأ فيقول آنا آدمي مثلكم إلا أني خصصت بالوحي وأكرمني الله به وهو قوله تعالى: {يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} لا شريك له في ملكه {فمن كان يرجو لقاء ربه} أي يخاف المصير إليه وقيل يؤمل رؤية ربه {فليعمل عملاً صالحاً} أي من حصل له رجاء لقاء الله تعالى والمصير إليه فليستعمل نفسه في العمل الصالح {ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} أي لا يرائي بعمله ولما كان العمل الصالح قد يراد به وجه الله سبحانه وتعالى وقد يراد به الرياء والسمعة اعتبر فيه قيدان، أحدهما: يراد به سبحانه وتعالى والثاني: أن يكون مبرأ من جهات الشرك جميعها.
(ق) عن جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به» قوله: «من سمع سمع الله به» أي من عمل عملاً مراآة للناس يشتهر بذلك شهرة الله يوم القيامة، وقيل: سمع الله به أي أسمعه المكروه.
(م) عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه ولغير مسلم فأنا منه بريء هو والذي عمله» عن سعيد بن أبي فضالة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا جمع الناس ليوم لا ريب فيه نادى منادٍ من كان يشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه منه فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك» أخرجه الترمذي. وقال حديث غريب وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر؟ قالوا وما الشرك الأصغر قال: الرياء».
(م) عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال» وفي رواية: «من آخرها» والله أعلم بمراده وأسراره كتابه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7